ارتباط تشعبي في موقع الوطن
“المكان الذي نذهب إليه لنتصل.”
الدكتور ديفيد وينبرقر عن الانترنت
كنت قد كتبت هذا المقال قبل شهر من تاريخ نشره هنا حين كتب رئيس تحرير جريدة الوطن، الأستاذ جمال خاشقجي مقالا (23 ديسمبر 2009) تضمن رابطا تشعبيا، ولكنني لم انشر هذا المقال في المدونة لأنني كنت اشعر أن فكر الصحافة الجديدة والنشر الالكتروني الصحفي غائب محليا ولا جدوى من مجرد الثرثرة في التدوينة حول فكر النشر الصحفي الالكتروني والميديا الجديدة. ما شجعني للعودة لهذا المقال واتخاذ قرار نشره اليوم، أن الوطن نشرت مقالا لرئيس مجلس إدارة مؤسسة عسير للصحافة والنشر الأمير بندر بن خالد الفيصل، يتحدث فيه عن موقع الوطن الالكتروني وما سيشهده من تطور ونقلة غير مسبوقة. لذا وجدتها مناسبة جيدة لنشر التدوينة التي تؤرخ وتصف شكل من اشكال الممارسة الصحفية في هذه المرحلة.
***
هذا الارتباط التشعبي متعارف عليه بـ رابط/ لينك، هو أحد أبسط وأهم أشكال الكتابة الالكترونية التي يجب أن تتواجد في الشكل الصحفي الالكتروني. هذا الشكل هو أول درس في الكتابة الصحفية الالكترونية. حسنا، ربما أبالغ ولكنه كما قلت: أبسط وأهم.
هل هناك جهل أم تعمد من المؤسسات الصحفية؟
جهل وربما ترك متعمد يمارسه أهل الصحف الورقية بتقنيات النشر الصحفي الالكتروني جعلهم ينقلون محتواهم الورقي على الانترنت بدون وعي لأبجديات النشر الصحفي الالكتروني والتمتع والاستفادة وتسخير تقنية النشر الالكتروني. بل والمحزن والمخزي أن الصحف السعودية التي تسمي نفسها صحف إلكترونية مستقلة وتعتبر أنها وجدت في الانترنت والصحافة الالكترونية والميديا الجديدة فضائها الرحب وإمكانيات لا نهائية للنشر والاتصال وجذب القارئ والمعلن لا تعرف بعد ألف باء النشر الصحفي الالكتروني. وأصبحت مجرد شكل من أشكال المنتديات الالكترونية بمستوى أكثر بؤس من حيث الإخراج والمهنية الصحفية، ولان فكرة هذه المقالة ليس تحليل ظاهرة الصحف الالكترونية المحلية ولأنني لا أريد أن اكتب لمجرد الكتابة للتسلية عن الصحف الالكترونية لان هكذا أمر يحتاج وقت وجهد، فيكفيني أن ابرر وجهة نظري حول هذه النقطة في مقارنتي بين المنتديات الالكترونية والصحف الالكترونية. المنتديات الإلكترونية تضم ألاف الصحفيين المواطنين ومنهم المتخصصون في مجالات كثير من الثقافة والسياسة والفكر والطب والتصوير والإخراج والتحرير ولكنهم يمارسوا الصحافة بطريقة غير احترافية؛ (مكان النشر، المهنية، أساليب الحصول على الخبر الصحفي، واعداده للنشر). أما الصحف الالكترونية فلا تمتلك تلك الطاقات البشرية وكل ما لديها قالب صحفي الكتروني يتم نشر الأخبار والصور فيه وهو أشبه بمجلة الكترونية يمكن برمجتها او الحصول على قالبها بسهولة. مما يعني ان اي “شلة” من منتدى يمكن ان يطلقوا صحيفة حسب المفهوم السائد حاليا للصحافة الالكترونية المحلية. هذا لا ينفي ان هناك ممارسات صحفية جيدة في الصحف السعودية الالكترونية من حيث الحصول على الخبر وإعداده للنشر ولكن المهنية والمصداقية محل تساؤل كبير، وتظل العملية غير قائمة على “ستايل بوك” بقدر ما هي إمكانيات فردية قد تظهر وتختفي في أي وقت وأي صحيفة الكترونية.
إذا هذا الرابط التشعبي او كما يقال أيضا تشعيبي الذي وجدته في مقالة الأستاذ خاشقجي جعلني أراقب فكر ممارسة الصحافة الالكترونية السعودية مقارنة بالأمريكية، ومراقبة مدى إدراك واستعمال وتسخير آليات النشر الصحفي الالكتروني محليا. اذا، ذلك الرابط التشعبي خطوة أولى سابقة للوطن. وحتى لا أبدو ممجدا ومجاملا للوطن بصفتي منتسب لها كصحفي وككاتب فأنني اعترف بالقول أن نشر ذلك الرابط التشعبي أتى بشكل يتيم. وحتى لا أبدوا محتفلا بهذا الشكل البسيط واليتيم من فكر النشر الالكتروني فأنني اعترف أن تطرقي لهذا الرابط والكتابة بناءا على وجوده، مجرد “حك للسطح” بدون التغلغل للعمق في الفكر أو العناوين الكبرى للنشر الصحفي الالكتروني.
عناوين ملفات يوتيوب
وبما إنني في دوامة الحديث عن الصحافة الالكترونية وممارساتها، يجب التنويه على ظاهرة أخرى ظهرت أولا في الوطن. (انا أرحب بأي تصحيح لهذه المعلومة). كانت جريدة الوطن أيضا السباقة في ربط النسخة الورقية بالانترنت، إي إرسال القارئ الورقي إلى الانترنت عبر روابط ملفات اليوتويب التي بدأ الكاتب عبدالله ثابت في إدراجها في مقالاته. وبعد ذلك أدرج بعض الكتاب في زواياهم روابط لملفات فيديو ولكنها كانت تنشر في النسخة الورقية كما يجب ان تنشر بكامل العنوان حتى ينقله القارئ الورقي إلى صفحة الانترنت للوصول إلي الصفحة، ولكن في موقع الصحيفة الالكتروني كانت تنشر العناوين كما تنشر في الصفحة الورقية! أي أنها لا تنشر على شكل رابط تشعبي/لينك يقود القارئ بضغطة زر إلى موقع الملف. مع ذلك تعتبر تجربة عبدالله ثابت والوطن في إدراج روابط ملفات اليوتيوب والاستشهاد بها أو “توصيل القارئ” ورقيا أو الكترونيا بمواقع الانترنت تجربة جديرة بالذكر والتوثيق. ويحق لـ عبدالله ثاتب ان يحتفل بتلك التجربة كما كتب في مقالة عن هذه التجربة.
ملفات فيديو مدمجة
أيضا، ادراجت صحيفة الوطن في بعض الأخبار الصحفية على موقعها الالكتروني وفي فترات متفاوتة ملفات من موقع اليوتويب، وكان إدراجا كاملا ( امبيديد) أي أن المتصفح لموقع الوطن يجد الفيديو مدمجا في الصفحة. وهذه خطوة جيدة ولكنها من وجهة نظري قد تشكل لأي صحيفة إشكاليات مهنية وتقنية وقانونية. وهنا نقطة مهمة ليس مكان الحديث عنها في هذه المقالة، وهي قانون النشر الصحفي الالكتروني. وهذا ما يجعلني احرص على أن ابدأ بالكتابة عن هذه القضية المهمة لاحقا..فحسب ما صرحت به وزارة الثقافة والاعلام سيصدر قانون ما!! ما يجب وأحب قوله في النقطة القانونية هي ما هي مسئولية الصحيفة او المؤسسة الإعلامية تجاه محتوي أي رابط تشعبي يقود إلى موقع خارجي عن موقع الصحفية؟ وما هي مسئولية الصحيفة او المؤسسة الإعلامية من محتوى اي ملف فيديو مدمج من مواقع أخرى مثل اليوتويب؟ (أمثلة من ملفات فيديو مدمجة 1 2 )
يجب أن اعترف أن بعدي عن المطبخ الصحفي في الوطن أو أي صحيفة سعودية أخرى بسبب إقامتي في أمريكا يحد من مدى إطلاعي الكامل على مدى إدراك الصحف السعودية الورقية على فكرة الانتقال إلى الانترنت وكيف تفهم الميديا الجديدة والصحافة الالكترونية. لذا كان اعتمادي في تدوين هذه الملاحظات هو متابعة مواقع الصحف السعودية الالكترونية. ومسألة مهنية النشر الصحفي الالكتروني لا يجب ان تخلط لدى القارئ العادي بمسألة الأفضلية من ناحية سهولة التصفح. فموقع صحيفة الرياض (بيتا التجريبي) كمثال يعتبر من أفضل المواقع، من وجهة نظري، وأكثرها صداقة للمتصفح.
أيضا متابعتي لمواقع الصحف السعودية الالكترونية يجعلني أدرك عشوائية النشر الالكتروني وكما قلت، انه كما يبدو لا توجد أبجديات النشر والتحرير والإخراج الالكتروني. وإلا فأن مسألة استعمال الروابط التشعبية في صفحاتها من أسهل وابسط الخطوات التي يمكن استغلالها في مواقع هذه الصحف، ولكن… حديثي عن الصحف الالكترونية بتفصيل أكثر ربما يأتي لاحقا.
ملفات PDF
ومن النقاط المهمة التي يجب أن اذكرها، بناءا، على “سالفة” الرابط التشعبي في الوطن، أن من النقاط المهمة التي تتضح لي هي أن كثير من المؤسسات الصحفية لا تفهم شخصية المتصفح الانترنيتي، التي قد تختلف جذريا عن المتصفح الورقي الذي لا يصل إلى النسخة الالكترونية أو يفضل النسخة الورقية. لذا نجد بعض الصحف الورقية تنقل محتوياتها بنفس الشكل والصور والتنسيق إلى مواقعها على الانترنت على شكل ملفات “بي يدي اف” ( الحياة، شمس، الوطن…) وهذا الشكل من نقل الصفحات الورقية إلى الانترنت هو ممارسة مغرية ومحببة للقارئ الذي يشعر بالنوستالجيا للنسخة الورقية. ولكن المشكلة أن الصحف لم تدرك بعد كيف تخلق ستايل/شكل للصحفية الكترونيا يغري القارئ بزيارة الموقع والبقاء فيه؟ ويخلق جيله من القراء الالكترونيين.
أسباب اقتصادية للبقاء بهذا الشكل
بالتأكيد لدى الصحف السعودية الورقية أسبابا اقتصادية مقنعة للبقاء بهذا الشكل من النشر الالكتروني وهي عدم وجود معلن الكتروني، ولعدم رغبة المؤسسات الإعلامية التي تنشر صحفا ورقية في التأثير على نسبة توزيع الصحيفة الورقية مما يعني سعر إعلان ارخص ومعلنين اقل. ايضا لا يوجد عناصر مدربة على النشر الصحفي الالكتروني— تدريبها يكلف ماديا، وتقنية النشر الالكتروني ستكلف ايضا. لذا يبدو نظريا أن مسألة خلق موقع الكتروني صحفي مهني وعصري وسهل وصديق وذكي غير مجدية. ولكن غير المجدي هو أن الصحافة الالكترونية والسوق القادمة وذهنية المتصفحين التي اغلبها من الشباب ستجبر الصحف على أن تأخذ الأمر بجدية وسيكون الوقت حرجا. أيضا، لن يكون لملفات البي دي اف أي معنى او قيمة لدى هؤلاء الشباب لأنهم بكل بساطة ليس لديهم الحنين للتصفح الورقي.
وأخيرا، هناك ما هو أهم من الارتباطات التشعبية في فكر النشر الصحفي الالكتروني مثل صيغة وشكل المادة الصحفية وكيف تقسم وكيف تعرض، وعرض الصور وتحريرها وتحرير ملفات الفيديو، وسرعة نشر الخبر، والية الحصول عليه ليناسب النشر الالكتروني، وإتاحة الأشكال التفاعلية للقارئ. ولكن كما قلت أن الخطوة الأولى لم تأتي بعد فكيف نحلم او نطالب بما هو في حاجة لاحترافية اكبر؟
***
أخيرا، وعودة لمقال لرئيس مجلس إدارة مؤسسة عسير للصحافة والنشر، فأنني اتمنى ان تقدم الوطن في تجربتها القادمة في موقعها على الانترنت تجربة ترفع من مهنية واحترافية العمل الصحفي السعودي. عندها، أي عندما يكون لدينا ممارسة صحفية الكترونية احترافية في المؤسسات العتقية والحديثة الوليدة ستكون هذه التدوينة مؤرخة لـ عدم استعمال الصحف الالكترونية والورقية عبر مواقعها على الانترنت ابسط أشكال النشر الصحفي الالكتروني (الروابط).. اذا لنراقب كيف ستتطور عملية النشر الصحفي الالكتروني السعودية بداء من 2010م.
Photo illustration by Musleh
جربت تزور عدد سابق مؤخراً على موقع الوطن؟ راح تلقى نفسك في نفس صفحة اليوم! طبعاً إذا زرت مقال معين راح تحصله… لكن مش راح تقدر ترجع بالأرشيف.. هذا الكلام صار بعد عملية الإختراق السابقة!
[…] This post was mentioned on Twitter by زكريا, Musleh Jameel. Musleh Jameel said: ارتباط تشعبي في موقع الوطن – http://www.mjameel.net/blog/?p=572 […]
بعد التحية، أشكرك يا دكتور على هذا الطرح، ولكن هل هناك معايير مهنية أتفق عليها المنظرون أو المهتمين بالصحافة الإلكترونية لتعمل بها.
ولك تحياتي
شكرا سعد على تعليقك.. مر اكثر من اربع اشهر على هذا المقال والحال لم يتغير في كثير من الصحف.. وقد خذلني موقع جريدة الوطن الجديد.. فقد كنت أتوقع، بناءا على ما قيل، شيء مختلف تماما عن هذا الشيء!
ابراهيم.. شكرا لك.. بالمناسبة انا لست دكتورا:)
نعم يوجد معايير مهنية وهي ليست الزامية ولكنها معايير تحتمها مهنية الممارسة الصفحية الالكترونية وقد ذكرت بعضها بشكل موجز في الجزء ما قبل الاخير من المقالة.. وهي ليست فقط معايير تكنولوجية .. هي في الاساس فكر الممارسة للميديا الجديدة وامكانيات بشرية ثم تكنولوجية.. شكرا لك