غياب الصورة “الإيقونة” لكارثة جدة
مصلح جميل
مؤمن أن الصورة الفوتوغرافية قادرة دائما على “أيقنة” الحدث بروحه وشكله واختزاله في هذا الشكل المكبسل من الصورة (الايقونة). كارثة جدة التي راح ضحيتها أكثر من مئة إنسان كانت فرصة عظيمة لكل مصور صحفي لالتقاط الكارثة وتصويرها واختزالها في صورة واحدة تكبسل الحدث وتوثقه وتسوقه، ولكن إلى لحظة كتابة هذه المقالة لم أرى صورة واحدة تحمل روح الكارثة وتصدم المشاهد وتنقله إلى حالة الكوارثية التي عاشها الإنسان في جدة/الحدث ومن ثم تبقى هذه الصورة في ذهن الملتقي كأيقونة لما حدث.
وفي التاريخ الفوتوغرافي أمثلة كثيرة على صور فوتوغرافية اختزلت أعواما من الحروب والكوارث، منها صورة (أم مهاجرة) للمصور الأمريكية (دوروثا لانق) اختزلت وكبسلت ووثقت وأيقنت وسوقت لحالة الكساد العظيم في الولايات المتحدة الأمريكية خلال الثلث الأول من القرن الماضي. صورة واحدة (موت الجندي) لروبرت كابا اختزلت وأيقنت ووثقت الحرب الأهلي الاسبانية. صورة واحدة (امرأة تنتحب) للمصور الهندي اركو داتا أيقنت وكبسلت وصدمت وسوقت لكارثة تسونامي. صورة واحدة (صورة الطفلة السودانية التي تموت جوعا بينما نسر يقنصها) للمصور الجنوب إفريقي كيفن كارتر صفعت العالم واختزلت المجاعة في السودان في تسعينات القرن الماضي في صورة واحدة لا تزال تصفع الذاكرة البشرية وتختزل روح كل الأبرياء اللذين ماتوا جوعا. الأمثلة كثيرة للصور الفوتوغرافية التي اختزلت الكوارث والحروب في صور يظهر فيها وجه الإنسان وجسده في أقصى حالات الألم والتأثر والفجيعة.
وحينما قلت أن كارثة جدة التهمت أكثر من مئة إنسان، كنت متعمدا لان اذكر الإنسان الضحية رغم الخسائر الفادحة في الممتلكات من سيارات ومنازل ومتاجر وممتلكات شخصية وعامة. نعم، الممتلكات ضحية أخرى لهذه الكارثة ولكن أين الوجع والفجيعة الإنسانية من كل الصور التي شاهدناها؟ أين الموت ومظاهر الموت والخسارة الإنسانية من كل الصور التي أمطرتنا بها الصحف السعودية ووكالات الأنباء وصور الهواة والمواطنين ومجموعات الفيسبوك؟
كمصور، لا ادري ما شكل هذه الصورة أو كيف وأين يمكن أن تلتقط. ولكنني لم أرى أي صورة يمكن أن تسوق الحدث/الكارثة على المستوى الإنساني. لقد تعاطفت كثيرا مع حطام السيارات التالفة والمتتلكات المدمرة ولكننا كمواطنين نحتاج إلى صور لنعيش مأساة الحدث كما عاشها الضحايا بقدر ما عشنا مشاهد أكوام السيارات. نحتاج صورا صادمة ومؤلمة للذاكرة السعودية لان هذا سبيل الشعور والإدراك والمشاركة بما حدث وفي ما حدث. كمتلقين بعيدين عن ساحة الحدث نحتاج أن نرى الفجيعة والبؤس في صورة للتاريخ والصحافة والذاكرة الشعبية. صورة تنقل لنا بدون أن نقرأ التعليقات والأخبار أن ذلك الإنسان السعودي في ذلك المكان من السعودية عاش تلك الكارثة، صورة تجعلنا نشعر وندرك وليس مجرد صورة للمشاهدة.
ورغم أن قلة من الصور الصحفية التي نشرت في الصحف السعودية تتسم بمعايير جيدة من الاحترافية إلا أن الفرصة لا تزال أمام المصورين الصحفيين لدفع حدود العمل الصحفي الفوتوغرافي إلى ابعد من الحدود التي تعودنا عليها محليا. وكانت الفرصة سانحة لكثير من المصورين الصحفيين التواجد في قلب الحدث بعد ساعات من حدوثه بسبب تواجد الكثير من مصوري الصحف ووسائل الإعلام في مكة لتغطية الحج. وكانت الفرصة ولا تزال سانحة بسبب الدعم الرسمي الذي ستجده الصحافة بالسماح بالوصول إلى أماكن الحدث والسماح بالتقاط كل صورة ممكنة حيث تعمل الحكومة مع الصحافة لفضح الحدث وتجريده وكشف ملابساته. لذا يجب على المصور الصحفي السعودي في هكذا أزمات الانفلات من فكرة العمل الصحفي اليومي الذي يربطه به ساعات دوام محددة أو فكرة الحصول على صورة عاجلة للنشر صباح اليوم التالي. الفرصة لا تزال سانحة من اجل توثيق البعد الإنساني وايقنة الحدث وتوثيق الكارثة بصريا وإنسانيا للأجيال والتاريخ.
الصور المرفقة:1-من جريدة الرياض. 2-ثلاث صور تظهر عليها اسماء مصوريها والروابط المدمجة في المقالة تقود الى مصادرها.
أنا مندهش لأن هذا الموضوع الهام لم يحظ بأي قدر من التعليق حتى الآن. وجهة نظرك أصيلة وتساؤلك في الصميم.
هناك صور معبرة كثيرة تستحق. أعتقد أن اللقطة المرعبة لجثمان البنت الصغيرة المنتشل من السيول تستحق. وهناك صورة بديعة لمواطن يقف فوق كبود سيارته الغرقانة. ربما أرسلتها لك.
لكن في النهاية.. فإن واحدة من هذه الصور لم “تعتمد” كلقطة “رسمية” للكارثة. وأعتقد هنا أن هذا خارج دور المصور ويبقى اللوم على المنظومة الإعلامية والثقافية.
يعني لو أن الوطن قد اختارت صورة (قوية) ونشرتها عل نصف صفحتها الأولى.. لكانت رسختها في الوجدان الشعبي. لو أن المحطات الإخبارية قد اختارت صورة كمقدمة لكل ريبورتاج عن السيول.
في الغالب فإن صور السيارات المجروفة هو السائد حالياً.. وهذه في رأيي تحمل قيمة مادية فادحة وتذكرنا بأن الشق الإنساني في التعبير الفني لا يزال عندنا أضعف. الناس مذهولة بمنظر السيارات الغرقانة أكثر من منظر أب مفجوع أو طفلة ميتة.. أليست هذه هي الخلاصة؟!
I am so sorry about the many people who died due to the heavy rains. Thank you for showing the photos. I hope you and your family are well. I am writing in English and the words are going in backwards. I am sorry I do not know Arabic. I will try to learn some words to be able to communicate with you.I am a retired teacher in California. I would like to know more about the Kingdom-Saudi Arabia. There are many students from Saudi Arabia studying English here in Santa Barbara. May God bless you and go with you always, A friend,
Bonnie,
I really appreciate your sympathy for what happened in Saudi Arabia, and I’m glad that my blog gives you a way to express your feeling. You are welcome to comment in English. All the best.
أهلين أشرف. وشكرا على التعليق واثارة المزيد من الجدل حول هذه المسألة. بخصوص صورة الطفلة -رحمها الله واعان اهلها على فقدانها- فقد كنت نوهت عنها بالذات ولكني عدت فحذفت الجزء الخاص بها حين قررت نشر الموضوع لاسباب اهمها انها لا تصور الكارثة بجغرافيتها وناسها. الصورة بتلك الطريقة التي صورت بها تقول انها صورت بطريقة غير احترافية، لو قدر لها مصور ذكي لاخرجها بشكل اكثر وضوحا وفضحا والما. هذا ما نحتاج ويحتاج كل مسئول وكل ذاكرة ان تصفعنا تلك الصورة بقوة أكثر. لقد قتلت طريقة تصوير تلك الفتاة حظوظ الضحايا في صورة كانت ممكن ان تعبر عن الكارثة التي حلت بهم وعن خزينا بأكبر قدر ممكن. ايضا شاهدت صورا لحجاج على (سطح باص غارق في المياه) ولكنها ايضا لا تمثل تلك الكارثة بكل معانيها بشكل قوي. كما قلت لا ادري ما شكل تلك الصورة ولكنها لم تأتي حتى الان. وانا اتفق معك في مسألة التسويق الاعلامي وهذا ما لم يحدث لاي شكل من اشكال ايقنة الكارثة حتى ولو على شكل صورة صغيرة معبرة تنشر في اللوجو الخاص بالصفحات الخاصة بتغيطة هذا الحدث. تماما كما كانت تفعل الصحافة حين تتناول احداث الحادي عشر من سبتمبر. يكفي ان تنشر صورة للمبنيين والدخان يتصاعد منهما. ايضا عدم وجود وكالة صور محلية او عالمية تقدم صور احترافية يمكن ان تحصل عليها كل الصحافة، فقد اعتمدت كل صحيفة على طواقمها الصحفية ولم ينجح احد في تلك المهمة التي اتحدث عنها هنا. وكما ذكرت انت وهو الحاصل بكل اسف، لا يزال المصور السعودي غير مدركا لمعنى التوثيق والعمل الصحفي الفني والانساني. لاسباب كثيرة لعلني اتطرق لها قريبا. كل الشكر على اثارة المزيد من الحديث.
[…] التقليدي إلى الإعلام الجديد : كارثة جدة أنموذجاً! * غياب الصورة “الإيقونة” لكارثة جدة * سيول جدة وغياب الإعلام […]
[…] التقليدي إلى الإعلام الجديد : كارثة جدة أنموذجاً! * غياب الصورة “الإيقونة” لكارثة جدة * سيول جدة وغياب الإعلام […]
من المعروف جغرافيا أن الدول العربية و منها السعودية تقع فى منطقة مناخية تتصف بالجفاف و تنتشر بها الصحارى و تتسم بندرة المياة و من هنا تأتى أهمية أقامة محطات لمعالجة مياة الصرف المختلفة ليس فقط بغرض الحفاظ على البيئة من التلوث و لكن إيضا لأعادة أستخدام الماء ذى الجودة الأقل مثل مياة الصرف الصحى و الزراعى و الصناعى.
على بعد 3 ساعات بالطائرة من القاهرة توجد واحدة من أكبر و أحدث محطات تنقية مياة الصرف فى أوروبا و بالتحديد فى العاصمة النمساوية فيينا ،وبلغت تكاليف أنشائها 420 مليون إيرو.
و تعمل محطة معالجة و تنقية مياة الصرف على مدار ال 24 ساعة يوميا طوال العام ، و فيها يتم معالجة ألية و بيولوجية لحوالى 200 مليون متر مكعب سنويا من مياة صرف المنازل و المنشأت و الصناعة.
وهذة التكنولوجيا المتقدمة محل فخر من قبل العاملين فى محطة تنقية مياة الصرف لأن مياة الصرف الملوثة تغادر المحطة بعد 20 ساعة مياة صافية و لا رائحة لها بنفس نوعية و مواصفات المياة الجديدة القادمة من نهر الدانوب مما يعنى المحافظة على البيئة و نوعية حياة أفضل لسكان مدينة فيينا.
و يمكن أستخدام مياة الصرف المعالجة كمياه لدورات المياه ورى ملاعب الجولف ورى الأشجار الخشبية الغير مثمرة لأنتاج الأخشاب و مكافحة التصحر وزراعة محاصيل غير غذائية مثل نبات “الجاتروفا” لأنتاج الوقود الحيوى .
باقى المقال فى الرابط التالى
http://www.ouregypt.us/culture/main.html
شكرا ليكو موضوع جميل
منتديات ارض الحب
اعجبتني هذه التدوينة اتمنى لكم كل التوفيق . تحياتي .
مرحبا
عذرا عزيزي
انت لم تشاهد لم تكن موجود اذا انت كنت غائب عن الحدث؟؟
لماذا تنظر وتتهم وبكل وضوح تتفلسف؟؟
الصورة المعروضة في موضوعك هي رد على نظرياتك
يكفينا منكم تنظير وفلسفة
كارثة جدة لولا مصوري الصحافة لما شاهدها العالم
لم تشاهد صورهم
اذا انت غائب
لذا لا تتفلسف
اصابنا الاحباط من امثالكم
لا انتظر نشر ردي يكفي ان تفهم وحدك
اخ علي العتيبي
تعليقك ورأيك محل تقدير..
وبكل اسف وجدته في سلة التعليقات المزعجة لانك اضفت موقع الكتروني بشكل اعتباطي.. وربما ايميل خاطئ…
عموما.. انا ارحب باي راي يضيف او يناقش او اي وجهة نظر منطقية حول اي مقالة بالمدونة…
ولكني كنت أتمنى بصفتك مصور صحفي كما فهمت من تعليقك ان تزودنا بروابط لبعض الصور ولصورك تحديدا اذا كنت قد شاركت في التغطية.
فكرة المقالة ليست لبعث الإحباط بقدر ما هي محاولة تشجيع، إلهام، او هي نقد للظاهرة من وجهة نظري.
أنا بانتظار بعض الروابط والصور منك لنتحدث عما ورد في تعليقك من نقاط.
تحياتي وأمنياتي
feel sorry about them.. my symphaty.