فيدروز .. المصادفة الجميلة.
مؤمن بأن في العالم مبدعين لا نعرفهم وندرك قيمة وجمالية ما يعملون حتى نلتقي بهم شخصيا ويتحدثون إلينا ليمنحونا الصورة الكاملة للعمل الفني أو الإبداعي الذي ينتجوه. Nick Vedros من المصورين المحترفين الذين كانت المصادفة وحدها السبب أن احضر احد محاضراته. وجدت إعلانا عن السيمينار قبل يوم واحد فقط ومن “محاسن الصدف” أن مكان المحاضرة “فندق الكروان بلازا” بجانب مسكني اي لا يبعد إلا خمسين متر بالكثير. وتذكرة الدخول للطلاب عشرة دولارات فقط، أيضا الجهة التي ترعى هذا النشاط هي أهم جهة معنية بالفن الفوتوغرافي في الولاية مما شجعني على حضور هذا السيمينار وقضاء ثمان ساعات مع مصورين لم اسمع بهما من قبل! كان عنوان السيمينار مشجعا ومغريا أيضا ” فن التصوير الفوتوغرافي وعلم الرقميات والعكس بالعكس”، ولكن الحقيقة انه لم يكن بتلك “العلمية” التي توقعتها بل كان اقرب لعرض تجارب المصوران ومقارنات سريعة حول التقنية/العلم والفن/التصوير.
حضرت مبكرا وبدأ احد مدراء مبيعات كانون في أمريكا بتقديم المصور فيدروز قائلا إن كانون تحرص على اختيار مصوريها التي ترعى نشاطاتهم وان فيدروز افضل الافضل. كنت متشككا رغم انني شاهدت بعض اعماله على الانترنت في ان يكون افضل الافضل. اعتقدتها كلمة تسويقية تشويقية ليس الا! ولكن فيدروز الذي درس التصوير الصحفي ثم عمل “كم يوم” مصورا صحفيا كما بدأ يخبرنا باسلوب شيق عن بداياته، أدرك بعد كم يوم عمل تصوير صحفي بأن التصوير الصحفي ليس مجاله ليقرر ان يبدأ في مشروع أستوديو ويبدأ حياته كمصور حر ليصبح من اشهر المصورين في امريكا في مجال التصوير الاعلاني. ولا غرابة ان يتقاضى عن الصورة الواحدة مبلغ قد يصل إلى أكثر من عشرة ألاف دولار. بل ان احد صوره بلغت تكلفتها حسب ما ذكر “قررت حذف الرقم لأنه حقيقة مفجع” وكن لكم أن تتخيلوا عشرات عشرات عشرات ألاف!! اللهم لا حسد! وفي الحقيقة مجرد مشاهدة هذه الصورة ذات التكلفة المرتفعة بدون معرفة كم ساعة أخذت عملية التصوير لا يمكن أن تقنع أحدا بأنها قد كلفت تلك المبالغ، ولكن الشركة دفعت والصورة صنعت والكل “مبسوط.”
خلال ثلاث ساعات استمتعنا واندهشنا ببعض مقاطع الفيديو التوثيقية لعمليات التصوير بالإضافة إلى قصص فيدروز الطريفة والغريبة والملهمة في حياته كمصور على مدى أكثر من ثلاثين سنة. وليست الدهشة التي فاجئنا بها فيدروز كلها متعلقة بالجوانب المالية والتقنية للصورة، ولكن الاهم من ذلك المفاهيم والفلسفة التي يتبعها بعد عقود من العمل مع الشركات والمدراء الفنيين لشركات التصميم وفلسفته الخاصة. فمن اهم ما قاله انه يدرك بأن الرسالة يمكن ايصالها الى المتلقي عن طريق الطرافة والترفيه في الصورة ولذلك نجد في صوره التي ينفذها للشركات روح الفكاهة والطرافة. ويمكن ترجمة ما قاله “المفهوم الذي اتبعه هو أن الصورة التي ترفه، تخبر قصة وتوصل فكرة” وهي فكرة تسويقية حديثة نوعا ما، يمكن إدراكها في بعض الإعلانات التجارية التلفزيونية الحديثة أو في الحملات الانتخابية الأمريكية الأخيرة في حضور المرشحين تلفزيونيا بشكل هزلي ترفيهي طمعا في إيصال الفكرة وتسويق برامجهم. وفيدروز منذ عقود يدرك هذا الشيء ويشحن صوره بالطرافة ومفهوم الترفيه من أجل تقبل المتلقي للصورة وإجبار المتلقي على البحلقة أكثر في الصورة ومن ثم تصله رسالة المنتج أو الشركة.
وطلاب وقلة من الهواة بالحرص على مفهوم الاحترافية في التعامل مع التصوير ومع الزبائن وهي مسألة مهمة في أي مجال ولكن الرقمية في عالم التصوير خلطت المفاهيم وهذا موضوع لاحق ربما يأتي وقت للكتابة عنه.
شكرا مصلح
اشعر بالإستمتاع بقراءة مثل هذه التجارب … تحياتي
حياك الله غفار. ما نتحرمش من هالطلات.