محاضرة عن البورترية
تغطية صحفية لـ محاضرة البورترية التي أقيمت بجمعية الثقافة والفنون بالدمام، الاثنين ٤/٤/٢٠١١. الصور المرافقة تصوير يوسف الحربي.
تغطية صحيفة الوطن السعودية.
تغطية صحفية لـ محاضرة البورترية التي أقيمت بجمعية الثقافة والفنون بالدمام، الاثنين ٤/٤/٢٠١١. الصور المرافقة تصوير يوسف الحربي.
تغطية صحيفة الوطن السعودية.
نشرت مجلة القافلة. العدد ١، المجلد ٦٠. يناير-فبراير ٢٠١١ مقالا عن الحقوق الفكرية كتبته بالتعاون مع الصديق أشرف احسان فقيه. يمكن الوصول الى المقال عبر موقع مجلة القافلة على الانترنت او عن طريق تحميل ملف بي دي اف.
حين يبدأ شعر الرأس بالتساقط ويصبح الصلع مصيرا محتوما تصبح قضية اختيار صالون حلاقة من أسهل المهام الحياتية بل وأتفهها. ولان الوضع كذلك معي، فأنني أعطيت نفسي فرصة التعرف على اقرب صالون حلاقة أجده حين اشعر بحاجة إلى حلاقة مستعجلة أو حين لا أجد وقتا لحلاقة شعر رأسي في المنزل!! وبذلك، تعرفت على صالون العجوز ( أرل جوردن ) في صيف 2009م. ولان الحلاقين يحبون الحديث ولديهم حكايات كثيرة، أجابني أرل حين سألته منذ متى وهو يعمل حلاقا، بأن الأقدم من ذلك حلمه بأن يصبح حلاقا.
في الثلاثينات، عز سنوات الكساد العظيم في أمريكا، ولد أرل في جنوب ولاية أوكلاهوما، التي تعتبر من الولايات التي تأثرت بالكساد وبما يسمى بقصعة الغبار والجفاف التي أجبرت الاوكلاهوميين على الرحيل من مزارعهم. في تلك الفترة كان يذهب أرل مع إخوته إلى المدينة الصغيرة القريبة من مزرعتهم ويرى صالونات الحلاقة النظيفة والناس تجلس وتتحدث، بدأ حلمه وهو في السادسة. وذات يوم بعد العودة من المدينة مبهورا بجمال صالونات الحلاقة، تأمل أرل الصغير غبار المزارع وبؤس أهلها فقال لوالديه “عندما أكبر لن أكون مزارعا فقيرا بين الأتربة..سأكون حلاقا”.
استمتعت بأحاديث العجوز أرل من بعد تلك القصة، زرت الصالون أكثر من مرة. وفي ربيع 2010م كنت أريد أن أنجز تقرير صحفي مصور وعرضت علي ارل أن يكون عن حياته وعمله اليومي، فرحب بي، وجلست لتسجيل الحوار واستمتعت أكثر بقصص كثيرة عن طفولته وتعرفه على زوجته وتنقل صالونه من أكثر من مكان وعن تأثير الوضع الاقتصادي على عمله بشكل خاص وعلى هذا النوع من الصالونات. كان دائما متفائلا مبتسما. يجسد بتفاؤله وثقته وسعادته ما كتب على لوحة معلقة في صالونه، “لماذا تقلق ..الله لا يزال على العرش”.
لقد تأثرت شخصيا بتجربته الحياتية وقصصه الكثيرة التي لم استطع إدراجها في هذا العرض. كيف حقق حلمه ويعيشه كل يوم حتى وهو يقترب من الثمانين من عمره. هذه التجربة الإنسانية الفردية، حتى ولو كانت متوارية في صالون متواضع في شارع متواضع في مدينة أوكلاهوما، إلا إنها كانت ممتعة بالنسبة لي وملهمة…ويكفي منها قوله بعد ستين سنة من عمله حلاقا، “أتمنى من كل شخص أن يعمل ما يحب.. وان يستمتع”.
العرض المصور: تصوير وتحرير: مصلح جميل
رغم أني استمتع أكثر بتصفح النسخة الورقية من اليو أس أي تودي لما تحتويه من صور ورسومات توضيحية، إلا أن للصورة الوحيدة، غالبا، التي تنشر على صفحة الأولى لـ النيويورك تايمز متعة مضاعفة. فهي، الصورة الرئيسية أو الوحيدة، تختار بعناية لتجسد الخبر الأكثر أهمية من الناحية التحريرية. لذا عندما أشاهد الصورة الرئيسية اشعر كقارئ بأنني تلقيت، بصريا، الخبر الأكثر أهمية. وحين تكون تلك الصورة بليغة، تصبح قراءة الخبر عملية أسهل أو في حالات غير مهمة. صورة الرئيس الأمريكي باراك اوباما التي التقطها مصور النيويورك تايمز داوق ميلس اقتنصت أكثر من الحالة الشخصية لأوباما، و نقلت أكثر من خبر.
من متابعتي للانتخابات الأمريكية الرئاسية في العام 2008م وحتى النصفية الأخيرة، لاحظت مزاجية المواطن الأمريكي “سياسيا”. انتخاب مرشح من اصل افروأمريكي للرئاسة لا يمكن اعتباره قائم بشكل مطلق على الأجندة السياسية للمرشح. بل يتعدى ذلك إلى حالة مزاجية أمريكية بالرغبة بالتغيير. ربما شعور بالإحباط من الأوضاع داخليا وخارجيا. ربما كان يبحث كثير من الناخبين عن حالة مزاجية متفائلة. عن أمل يلتقطهم من سوداوية الواقع السياسي والاقتصادي في تلك المرحلة.
بعد سنتين من الحالة النفسية الباحثة عن والمنتظرة للتغيير، يبدو أن الوضع يقترب من العودة “نفسيا” إلى ما كان عليه. في سبتمبر الماضي قالت سيدة أمريكية بيأس وإحباط للرئيس اوباما إنها “منهكة من الدفاع عن اوباما وعن إدارته”!
هذه الصورة التقطت أثناء مؤتمر صحفي في اليوم التالي لنتائج الانتخابات النصفية الأمريكية التي خسر فيها الديمقراطيين عدة مقاعد في مجلس النواب لتصبح السيطرة فيه للجمهوريين بالإضافة إلى فوزهم، الجمهوريين، بعدة مقاعد في مجلس الشيوخ، وفيها –أي الصورة- تظهر ملامح اوباما، لتنقل لنا حالته المزاجية النابعة من الإحباط والاستياء. ولكنها، هذه الملامح/هذه الصورة تعبر عن حالة أشمل. أمام الصورة التي التقطها ميلس بعدسة 600 ملم نجد أنفسنا أمام اوباما وفي وضع يسمح لنا بتأمل مدى إحباطه وعزلته. نرى تلاشي حالة الأمل. وتظهر حالة من الشعور بالخذلان والتعب.
ميلس، الذي يعمل منذ سنوات مصورا للنيويرك تايمز في البيت الأبيض، ذكر ذات حوار صحفي أن عملية اختيار صورة الصفحة الأولى في النيويورك تايمز عملية صعبة تتم عن طريق هيئة التحرير ولا يمكن للمصورين أن يقرروا أي صورة ستظهر صباح اليوم التالي على الصفحة الأولى. اختيار هيئة التحرير لهذه الصورة هو قرار نشر صورة شخصية لـ أمريكا. صورة الأحباط وتلاشي الأمل أو كما عبرت السيدة الأمريكية، عن حالها “أنا منهكة”.
مصدر الصورة:the new york times
هذه سلسلة من المقالات نشرت في جريدة الوطن السعودية على أربع حلقات.
مصلح جميل
حقوق الصورة..رؤساء التحرير
أبدأ حديثي عن حقوق الصورة محليا/سعوديا بالصورة الصحفية ورؤساء تحرير الصحافة السعودية بكل أشكالها الورقية والإلكترونية.
والصورة الصحفية المعنية في هذا المقال هي التي تنشر في الصحافة المحلية سواء المطبوعة أو الإلكترونية، وتكون من إنتاج المصور الصحفي التابع للمؤسسة الصحفية أو من إنتاج وكالة أنباء أو إنتاج القراء أو ما يمكن تصنيفه بصور المواطن الصحفي أو تلك التي ينتجها المحررون. وهذه المقالة هي الأولى في هذه السلسلة من المقالات التي تشرح الوضع الحالي ـ أخلاقيا وقانونيا وفنيا ـ للصورة وتحاول وضع حلول مهنية لآلية إنتاج الصورة وأشكال استعمالاتها.
ولأن الصحافة هي أكبر موزع/ناشر للصور أجد أن من المناسب البدء بتوجيه هذه المقالة لرؤساء تحرير الصحف، وسيتبع هذه المقالة مقالات أخرى موجهة إلى وزير الثقافة والإعلام والمصورين والكتاب والمدونين.
في الصحافة السعودية، ومن واقع تجربة قريبة، يعتبر المصور الصحفي الأقل مرتبا، والأقل سلطة على مادته الصحفية، والأقل حرية في آلية العمل ضمن الفريق الصحفي. المصور الصحفي في كثير من الأحيان هو مجرد “تكميلة” للمحرر، حتى أصبحت بعض الصحف تعطي محرريها كاميرات رقمية وتطلقهم كتابا ومصورين. وقضية مرتبات المصورين الصحفيين وتسلسلهم الهرمي في المطبخ الصحفي المحلي ليست المسألة الأساسية لهذه المقالة، وإنما كان من المهم الإشارة إلى بيئة العمل التي ينتج فيها أحد أهم أشكال الصورة وهي الصورة الصحفية التي تصل إلى أعداد كبيرة من الناس سواء مطبوعة أو إلكترونية.
أولا: في الصحافة المحلية يحدث كثيرا أن لا يذكر اسم المصور الصحفي مع صورته الصحفية! وفي حالات يذكر اسم المصور بجانب اسم المحرر الصحفي للخبر (مثال: تقرير فلان وتصوير فلان)، أي بشكل بعيد تماما عن مادته الصحفية، وهذه الممارسة وإن كانت تعطي المصور والصورة شيئا من حقه/ها قد لا تصلح لكثير من أشكال النشر في الصحافة اليومية. ففي الصحافة الأمريكية ـ وأنا هنا استعملها كمثال بصفتي درست التصوير ومارسته فيها ولأنها تعطي مثالا جيدا للصحافة المحترفة ـ لا يمكن أن تنشر صورة بدون ذكر مصدرها. ربما يكون هناك حالات شاذة لا ينشر فيها اسم المصور أو المصورة ولكنها ليست عملية اعتباطية أو تجاهل بقدر ما تكون حالات لها مبرراتها المهنية.
ثانيا: في كثير من مواقع الصحف المحلية الإلكترونية ـ سواء الورقية المنتقلة إلى الإنترنت أو الإلكترونية المولودة على الإنترنت ـ لا ينشر اسم المصور الصحفي مع صوره!.
ثالثا: يحدث في الصحافة المحلية أن يعاد نشر صور صحفية بدون ذكر اسم المصور ويمكن أن تستعمل الصورة مئات المرات بدون ذكر اسم المصور! أو قد يذكر أن مصدر الصورة “الأرشيف” في إشارة إلى أرشيف الصحيفة. وفي هذه الممارسة تنسف الصحيفة حقوق المصور الفكرية والأدبية.
رابعا: تنشر الصحافة السعودية صورا مأخوذة من وكالات صور أجنبية ولا تنشر أسماء الوكالات ولا مصوريها. وهذه ممارسة وبغض النظر عن قانونية هذا الفعل فهو فعل غير مهني، حيث إن أي صورة تنشر بدون اسم مصدرها يحط من قيمتها الفنية والمهنية المرتبطة بمصورها.
خامسا: قضية من يملك الصورة الصحفية بعد نشرها لأول مرة في الوسيلة الإعلامية، قضية مسكوت عنها في دساتير الصحافة المحلية.
سادسا: تنشر الصحافة السعودية صورا من إنتاج القراء يرسلونها من أجل النشر لأسباب مختلفة؛ ولكن ما يحدث في كثير من الأحيان هو تجاهل ذكر اسم المصور/القارئ؛ وقد تصبح تلك الصورة ملكا للمؤسسة الصحفية، مما يفتح مجالا واسعا للخلاف القانوني والمهني حول استعمال تلك الصور. كما أن نشر صور لغير المصورين المحترفين التابعين للمؤسسة الصحفية أو وكالة صور يضع مصداقية الصحيفة والصور على المحك.
سابعا: تلجأ كثير من الصحف والمجلات إلى التقاط أي صور صحفية أو صور لشخصيات في الأخبار أو صور توضيحية من الإنترنت سواء من مدونات أو مواقع إلكترونية لمصورين أو مواقع صور عالمية أو من صحف أخرى وتستعملها بدون حق أولا، وبدون حتى الإشارة إلى اسم المصور أو مصدر الصورة ثانيا.
ثامنا: تقوم بعض الصحف بالتعديل الإلكتروني (قص، تعديل الألوان، طمس أو إضافة..) على الصور الصحفية قبل نشرها لأغراض تحريرية، ويحدث أن يتم التعديل على شكل الصورة الأصلي ليتناسب مع تصميم الصفحات وهذا عمل غير أخلاقي وغير مهني.
تاسعا: تنشر في أحيان صور صحفية توضيحية (ممسرحة أو صور ليست ذات صلة بالخبر الصحفي) بدون أن يذكر أنها صور توضيحية، مما يعطي القارئ إيحاء بأن الصورة صحفية/خبرية أو صورة لها علاقة مباشرة بالخبر في حين قد لا يكون ذلك صحيحا.
لذا ما يجب على رؤساء تحرير الصحف والمجلات والدوريات وكل رؤساء تحرير الأشكال الأخرى من الصحافة سواء إلكترونية أو مطبوعة أن:
1 ـ أن تذكر أسماء المصورين الصحفيين بشكل واضح تحت كل صورة صحفية مطبوعة.
2 ـ ذكر اسم المصور الصحفي في كل مرة يعاد نشر صورته، إلا في حال كانت الصورة مشتراة من قبل المؤسسة الصحفية وتملك حق امتلاكها ونشرها بدون دفع حق مادي أو أدبي.
3 ـ في حال كان مصدر الصورة وكالة صور صحفية، يجب ذكر اسم الوكالة واسم المصور.
4 ـ في الصحافة الإلكترونية يجب أن يدمج أو يطبع اسم المصور على الصورة المنشورة إلكترونيا؛ وذلك بإعطاء الصورة إطار أو مساحة إضافية أسفل الصور لذكر اسم المصور والصحيفة. ويمكن أن يطبع على جسد الصورة بدون أن يتداخل مع عناصرها. كما يفترض تزويد مواقع الصحف الإلكترونية ببرامج حماية لمنع نسخ الصور من مواقعها. كما يجب دمج اسم المصور والصحيفة في ملف معلومات الصورة الرقمية مما يجعل معرفة مصورها ومصدرها أمرا ممكنا حين العثور على الصورة الرقمية في غير موقعها الذي نشرت فيه. ففي كثير من الصحف الأمريكية لا يمكن نسخ الصور من مواقع الصحف بسبب استعمالهم لبرامج حماية أو عن طريق برمجة مواقع الصحف بشكل لا يسمح بنسخ الصور، وفي حالات تحميل أي صورة بشكل غير شرعي تحتفظ الصورة الأصلية باسم المصور والمصدر في ملف معلوماتها التقنية مع تحذير من عدم شرعية تحميل الصورة أو استعمالها.
5 ـ يجب تثقيف المصورين الصحفيين بحقوقهم وبأهميتهم في الفريق الصحفي، كما يجب إبلاغ القراء الراغبين بإرسال صورهم إلى الصحيفة بكيفية استعمال صورهم ومصيرها بعد نشرها لأول مرة.
6 ـ عدم التعديل أو التلاعب بالصورة الصحفية لأي سبب من الأسباب لأن ذلك فيه خرق لقوانين الصحافة ومصداقيتها. كما يجب عدم اللجوء إلى صور الهواة أو جمع الصور من مواقع الإنترنت بدون معرفة كاملة بكيفية التقاطها ومدى مصداقيتها واسم مصورها وتاريخ تصويرها.
يجب أن يدرك رؤساء التحرير أن أي ممارسة صحفية لغير ما ذكر في مقال أمس، من آلية مهنية أخلاقية وقانونية هي ممارسة غير احترافية وربما تسببت في ضياع حقوق المصورين وإشاعة المزيد من الاستعمال غير القانوني والأخلاقي للصور. فكل صورة تنشر إلكترونيا بدون اسم المصور تصبح سبيلا ولقيطة لكل موقع ومتصفح. والصحافة بهذه الممارسة هي المسرب الأول للصور التي تتداول انترنتيا بدون معرفة مصوريها أو مصادرها وبذلك تصبح الصحافة سببا في إفشاء المزيد من الاستعمال غير القانوني والأخلاقي للصورة.
يجب على رؤساء تحرير الصحافة إدراك أنه بدون صورة صحفية لن تقرأ الصحف ولكن تكون الصحيفة جاذبة ومغرية للقارئ والمعلن وبالتالي فالصورة الصحفية يجب أن تكون لها عناية أكبر وللمصور الصحفي مكانة أفضل في الفريق الصحفي.
نعم، قد يكون لعدم وجود قانون رسمي واضح ومحدد لحقوق الصورة والمصور في النظام الرسمي ونظام الصحافة السعودية سببا في تفشي الظواهر السيئة التي أشرت إليها أمس ولكن هذا ليس سببا وعذرا لصحافة مهمتها التنوير وأن تكون مصدرا للحقيقة أن تتجاهل حقوق الصورة. ويجب على المؤسسات الصحفية إعادة صياغة لقوانينها الداخلية في ما يخص آلية عملها تجاه الصورة وسيكون المقال القادم في هذه السلسلة موجها لوزير الثقافة والإعلام حول قوانين حماية حقوق المصور والصورة. فالنظام الحالي لحقوق المؤلف نظام غير صالح للصور الفوتوجرافية والفنون الإبداعية (ثنائية وثلاثية الأبعاد بشكل عام). وهناك أيضا فرق بين الصور التحريرية والتجارية وهذا ما سنتطرق إليه لاحقا.
***
حقوق الصورة…معالي وزير الاعلام
الجزء الثالث عن حقوق الصورة أوجهه لوزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجه بصفته المسؤول عن الشأن القانوني في ما يخص تنظيم وتسجيل وحفظ حقوق الصورة الفوتوغرافية بصفتها مصنفا من مصنفات قانون حماية المؤلف الذي يقع تحت مسؤولية الوزارة. وأبعد من الشأن القانوني، فالوزير بصفته شاعرا /مؤلفا معني بهذا النظام وبمدى جودته لحماية حقوق المؤلفين. وقبل البدء يجب التنويه إلى أن الصورة الفوتوغرافية قانونيا وأخلاقيا ومهنيا تعيش حالة مرضية نتيجة سنوات من غياب قوانين التنظيم والحفظ وغياب التدريب والتدريس الأكاديمي بالإضافة إلى ضعف وعي واهتمام المجتمع بالصورة كمنتج فني أو إعلامي. كما أن فشل الجمعية السعودية للتصوير الضوئي مؤخرا أضاف مرضا جديدا لهذه الحالة. مع كل هذا، يظل الأمل بإصدار قوانين تحفظ حقوق الصورة ومصورها وتنظم آلية عمل المصورين وتضع أسسا للعمل والتدريب الفوتوغرافي بمهنية عالية هو المحفز الأول لهذه السلسلة من المقالات.
وبدراسة النظام الحالي لحماية حقوق المؤلف نجد أنه، برغم الجهد الكبير المبذول به، لم يشمل كل الأنظمة التي من شأنها حماية حقوق الصورة والمصور وتوضح آلية عملية تسجيل الحقوق، ومن هذه الملاحظات:
أولا: لم يشمل ويوضح النظام العديد من القضايا الخاصة بالصورة بشكل خاص والفنون ثنائية الأبعاد بشكل عام. وأهم ما ينقص هذا النظام هو عدم وجود نص يوضح آلية وكيفية تسجيل الصورة بصفتها مؤلفا. ومن واقع تجربة شخصية حاولت فيها تسجيل صوري في أحد فروع الوزارة اصطدمت بنظام غريب يطلب مني التقدم بمشروع كتاب فوتوغرافي متضمنا الصور حتى يتم تسجيل الصور! أي أنه لا يوجد نظام لدى الوزارة لتسجيل حقوق الصورة فعليا كما هو موجود في نظام حماية الحقوق الأمريكي كمثال.
ثانيا: في الفقرة السادسة من المادة التاسعة عشرة في مدة الحماية تضمن النظام أن حماية حقوق الصورة تصل إلى خمسة وعشرين عاما من تاريخ نشرها! وهذا إجحاف بحق المصور مقارنة بحقوق المؤلفين للمصنفات الأخرى مثل الأفلام والمصنفات السمعية التي تصل إلى الخمسين عاما.
ثالثا: لم يوضح النظام الفرق بين الصورة التجارية والصورة التحريرية. ولم يوضح النظام في هذا الشأن التراخيص التي تحفظ للمصور التجاري حقوق صورته حين يتم تصوير أشخاص أو ممتلكات الغير بغرض الاستعمال التجاري وهو المتعارف عليه بـ(الموديل ريليز).
رابعا: تعامل نظام حماية حقوق المؤلف مع الصورة بشكل عام بدون أن يوضح الفرق بين استخدامات وحقوق الصورة المطبوعة والصورة الإلكترونية. كما لم يوضح النظام كيف تصبح الصورة أصيلة ومبتكرة حتى تحفظ حقوقها الفكرية وآلية إنتاجها من السرقة. ولم يوضح النظام بتفاصيل أكثر أشكال الاستعمال العادل للصورة (فير يوز)، خاصة أن الصورة من أكثر الأشكال الإبداعية والإعلامية تداولا في هذا العصر فهي بحاجة أكثر لنظام أشمل.
خامسا: مع انتشار ظاهرة الصحافة السعودية الإلكترونية انتشر معها الاستعمال غير القانوني للصور الصحفية بشكل أكبر وأخطر مما هو موجود في بعض أشكال الصحافة المطبوعة. ويمكن للوزير أن يطرح سؤالا واحدا أمام كل من يرغب من مؤسسي الصحف الإلكترونية بالحصول على ترخيص رسمي عن مصدر الصور التي تنشر في صحفهم الإلكترونية؟ أو بزيارة سريعة إلى أغلب الصحف الإلكترونية نجد آلاف الصور تنشر بدون أسماء مصوريها بالإضافة إلى استعمال صور مصوري صحف أو هواة ومحترفين بدون مقابل مادي أو أدبي.
سادسا: فشل الجمعية السعودية للتصوير الضوئي التي أعفى الوزير رئيسها قبل عدة أشهر يتقاطع مع عدم نضوج التجربة الانتخابية المحلية ولكن في تجربة الجمعيات الفنية السعودية إشكالية أكبر وهي أن شروط الانتخاب والمشاركة في هذه الجمعيات، والتصوير منها، تفتقد أهم شرط وهو مدى ارتباط الناخب والمرشح بالتصوير كمهنة أو كفن. فحين تصبح انتخابات هواة لا يمكن توقع عمل احترافي.
لذا، ما آمله من معالي الوزير أن ينظر في الملاحظات المذكورة حول نظام حماية حقوق المؤلف تحديدا بالإضافة إلى الملاحظات الأخرى التي تقع تحت مسؤولية الوزارة بخصوص الصورة كمؤلف والتصوير كمهنة. ومما أقترحه من واقع تجربتي حول هذه الملاحظات:
1- أن نظام حماية حقوق المؤلف يحتاج إلى التفصيل في الأمور المتعلقة بآلية تسجيل الصور وحفظ حقوق مصوريها. كما يجب أن تعمل الوزارة على إنشاء إدارة تختص بتسجيل حقوق الصور يتوجه لها المصور أو يراسلها إلكترونيا أو بريديا ليتم تسجيل أعماله ثنائية الأبعاد. وأفضل أمثلة على ذلك النظام الأمريكي التابع لمكتبة الكونجرس أو النظام البريطاني لحقوق الملكية.
2- قانون الاستعمال العادل يجب أن يشرح ويفصل بالأرقام والصور البيانية كل أشكال وكيفية الاستعمال العادل، بالإضافة إلى ضرورة زيادة مدة حفظ حقوق الصورة إلى خمسين سنة أسوة بالمصنفات الأخرى أو لمدة سبعين سنة كما في النظام الأمريكي.
3- يجب أن يوضح النظام أوجه الاختلاف بين الصورة التجارية والتحريرية وإعادة صياغة حقوق كل صورة وآلية تسجيلها وملكيتها.
4- حفظ الحقوق المادية والفكرية للمصورين يعني ازدهار هذه المهنة والرفع من مهنيتها ويفتح أبواب كثيرة للاستثمار في هذا المجال ويزيد من الإبداعية والتنافسية، لأن الخوف من سرقة الأفكار و استعمال الصور المتداولة تجاريا وتحريريا يهدد أي مصور يريد الاستثمار في هذه المجال أو ينوي اختيار التصوير كمهنة.
5- محاكمة أي وسيلة إعلامية تنتهك تستعمل صورة بدون دفع حق مادي أو أدبي للمصور ، وتسهيل إجراءات التقدم بشكاوى لدى الوزارة ضد أي وسيلة إعلامية أو جهة تجارية أو أفراد ينتهكون حقوق المصورين والتشهير بهم من قبل الوزارة.
6- عدم السماح بترخيص أي صحيفة إلكترونية بدون أن يتم التأكد من مدى نظامية آلية جمعها للصور، وارتباطها بوكالات صور مرخصة، وإثبات وجود مصورين صحفيين تابعين لها.
7- العمل على تفعيل القرار السامي الكريم رقم (5142/م ب) وتاريخ 15 /4 /1426 بخصوص تنظيم التصوير في الأماكن العامة حيث إن الوزارة طرف في اللجنة المشكلة لدراسة موضوع تنظيم التصوير، وما يحدث أن المصور قد يتعرض للمضايقات أثناء تأدية عمله الصحفي أو التجاري أو الفني.
8- إعادة النظر في نظام الجمعية السعودية للتصوير الضوئي في ما يخص شروط الانتخاب. وأهمية مراقبة الوزارة لأساليب الدعاية للمرشحين أثناء الانتخابات ومدى التزامهم بنظام الجمعية. وإلزام مجلس الإدارة بتطبيق وتنفيذ أهداف الجمعية وتحديدا في ما يخص حقوق الصورة والرفع من مهنية التصوير كمهنة وكوسيلة تعبير فنية.
أخيرا، كما ذكرت أن الوزير بصفته مسؤولا وأعلاميا وأديبا وناشطا في وسائل التواصل الاجتماعي الإلكترونية والصحافة الإلكترونية فهو يدرك بلا شك أهمية الصورة في كل تلك الإشكال الفنية والإعلامية وأهمية أن يعمل المصور في بيئة مهنية تحميها القوانين. ويكفيني ثقة أن هذه الملاحظات سيكون لها أهمية لديه لما ذكره للزميل صالح الشيحي في حواره معه، “أهم حاجة هي المهنية.. أنا حريص جدا على المهنية”. إذا، فالمهنية لا يمكن أن تتم بدون قوانين تحكم العمل الفوتوغرافي بكل أشكاله، ولا يمكن أن تزدهر المهنية بدون متابعة جادة لأي انتهاكات لهذه القوانين. وأدرك أن الفوتوغرافيين السعوديين يشاركونني الثقة الكبيرة في الوزير لتأسيس مرحلة جديدة تؤسس لبيئة فوتوغرافية أكثر مهنية.
***
حقوق الصورة…المصور
هذا الجزء من سلسلة مقالات حقوق الصورة موجه إلى المصورين. ومن الأهمية أن أنوه بأن هناك أكثر من شكل للتصوير كمهنة: التصوير الصحفي، وفي الغالب يكون المصور مرتبطا بمؤسسة إعلامية، وهنا الحقوق “مادية وأدبية” تكون مشتركة بين المصور والمؤسسة الإعلامية. والتصوير التجاري الحر. إضافة إلى ما انتشر مؤخرا من ممارسة التصوير كهواية جادة أو كممارسة لأغراض فنية. وفي كل هذه الأشكال من التصوير يظل المصور مرتبطا بوزارة الثقافة والإعلام كجهة تنظيمية تحفظ له حقوق صورته وكمرجع لتقديم الشكوى في حال أن انتهكت هذه الحقوق.
وفي المقال الموجه لوزير الثقافة والإعلام إشارة إلى نظام حقوق المؤلف وإيضاح لما يمكن أن يحسن من آلية عمل النظام وفاعليته. وكما ذكرت في المقال السابق أن التصوير يعيش حالة غير صحية رغم “كثرة” المصورين والمعارض والمسابقات والدورات التدريبية والأندية والجمعيات والمنتديات
الإلكترونية.
ومن هنا أطرح سؤالا مهما: لماذا لم تزدهر فكرة حقوق الصورة مع هذه الحركة المزدحمة بالنشاطات الفوتوجرافية؟ كما ذكرت سابقا أن غياب القوانين وقلة الاهتمام الشعبي بالصورة كفن وكوسيلة تواصل وغياب التدريس والتدريب الأكاديمي من أهم الأسباب، بالإضافة إلى: المصور نفسه الذي يعتبر سببا من أسباب غياب فكر حقوق الصورة. وهذه الفكرة قد ناقشتها في ورقة بعنوان “المصور أولا” قدمت في مهرجان الفيحاء الأول للصورة بالعراق ٢٠٠٤ وفكرتها أن المصور مسؤول عن ازدهار هذه المهنة وهذا الفن ومن مسؤولياته المشاركة في دعم واستعمال قوانين حفظ الصورة. وما يحدث في السعودية أن الكثير من الصور تنشر على الإنترنت وفي الصحافة و تستعمل في الإعلانات التجارية بدون حصول مصوريها على حق مادي أو أدبي، ولا يقابل هذه الاستعمالات غير القانونية شكاوى ترفع للجهات المسؤولة عن هذه التعديات، إلا في ما ندر. إذا، للمصور الكثير من الحقوق وعليه واجبات قانونية وأخلاقية أيضا في ما يخص حقوق الصورة. ومما يجب على المصور القيام به لحفظ وتحفيز فكر حقوق الصورة وتفعيل الأنظمة الخاصة بها:
١- على المصور المحترف أو الهاوي الذي يلتقط صورة صالحة للنشر أو الاستعمال التجاري أن يدرك أن استعمال هذه الصورة في الصحافة أو الإعلان أو كغلاف كتاب أو لتزيين موقع إنترنت يجب أن يقابله حق مادي وأدبي، ما لم يتنازل المصور عن ذلك طواعية.
٢- يجب على أي مصور تنتهك حقوق صورته من قبل أي جهة أو فرد أن يتقدم بشكوى لدى إدارة حماية حقوق المؤلف التابعة لوزارة الثقافة والإعلام. وأي تخاذل من قبل المصور في هذا الشأن يعني استمرارية الاعتداء على حقوق المصورين.
٣ -يجب على المصور أن يشرح فكرة الحقوق الخاصة بالصورة مع أي جهة إعلامية أو تجارية أو خيرية يتعامل معها، حيث إن الوعي بحقوق الصورة محليا لا يزال ضعيفا.
٤- يجب أن يدرك المصور الصحفي تحديدا أن صورته الصحفية قد تكون أهم من الخبر الصحفي المكتوب، مما يعطي المصور أهمية أكبر في الفريق الصحفي تمنحه حقوقا مادية وأدبية أكثر من المحرر الصحفي.
٥- على كل مصور وتحديدا المصور التجاري والهاوي الذي يعمل في الأماكن العامة أن يطلع على القرار السامي الكريم رقم(5142/م ب) وتاريخ 15 /4 /1426والذي يعطي المصور / الحق بالتصوير في الأماكن العامة حسب ما نص عليه القرار السامي. وعلى المصور أن يحتفظ بنسخ من القرار لإبرازه عند المساءلة. وكما أنه من المهم أن يتعاون المصور مع الجهات الرسمية العاملة في الميدان التي قد تتدخل لمنع التصوير، فإنه يجب على المصور في حال أنه ملتزم بقوانين التصوير أو كان يعمل تحت ترخيص تصوير تجاري أو بصفته مصورا صحفيا أن يخاطب إدارة الجهة التي أوقفته في حال تعرضت مهمته للإيقاف.
٦ -على المصور العضو العامل في الجمعية السعودية للتصوير الضوئي، وهو من يحق له الانتخاب، أن يدرك أن صوته مهم في اختيار الأفضل والأصلح لإدارة الجمعية، التي يفترض أن تلعب دورا مهما في تمثيل المصورين وتشارك في عملية حفظ حقوقهم. ومن ثم يجب عليه أن يتابع بصفته ناخبا وعضوا عاملا مدى التزام المجلس المنتخب للإدارة بتنفيذ أهداف الجمعية والتي يفترض أن يكون أهمها تفعيل أنظمة حقوق المصورين.
٧ -على المصورين الصحفيين التابعين لمؤسسات إعلامية التناقش مع رؤساء التحرير في كل ما يخص حقوق نشر الصور الصحفية، بالإضافة إلى ما ذكر في الجزء الأول من هذه السلسلة. وعلى الصحفيين المتعاونين مع وسائل إعلامية معرفة مصير صورهم الصحفية ومن يمتلك الصورة بعد نشرها، هل هي المؤسسة الإعلامية التي دفعت مقابلا لها لنشرها مرة واحدة أم تبقى الحقوق كاملة للمصور بصفته يعمل متعاونا.
٨ -إن استعمال المصور لبرامج تحرير الصور المقرصنة وتحميلها بشكل غير شرعي هو انتهاك لحقوق الآخرين ولا يجب على أي مصور يريد أن تحفظ حقوقه ويرغب بالتكسب ماديا وفنيا من خلال الصورة أن يقوم باستعمال برامج مقرصنة.
٩ -انتشار الكتب الفوتوجرافية الإلكترونية المقرصنة أصبح ظاهرة منتشرة في بعض منتديات التصوير الإلكترونية. مما يؤدي إلى سهولة الوصول إليها وتحميلها، بينما يعتبر هذا الفعل جريمة قانونية وعملا لا أخلاقيا. وعلى أي مصور ألا يسمح لنفسه بالمشاركة في انتهاك حقوق الآخرين بتحميل كتبهم والاستفادة منها بدون دفع حق مادي. وعلى المسؤولين عن منتديات التصوير الإلكترونية عدم السماح بهذا الفعل غير القانوني وغير الأخلاقي. ومع كل هذه الحقوق والواجبات للمصور وعليه والتي مهمتها رفع وحفظ قيمة الصورة، تظل عوامل كثيرة خارجة عن إرادة المصور تلعب دورا مهما كما تم ذكره في الأجزاء الأولى من هذه السلسلة، إلا أنه لا يمكن أن يكون هناك من هو أكثر حرصا على حقوق الصورة أكثر من مصورها. وبالإضافة إلى دوره المهم في حفظ حق الصورة، تظل عليه التزامات أخلاقية ومهنية مهمة تسهم في رفع قيمة الصورة أخلاقيا وفنيا وماديا.
*الصورة المرافقة قصاصة من جريدة الوطن. الصورة الفوتوغرافية من تصوير مصلح جميل. معرض فوتوغرافي جماعي/الرياض2005م.
قرأت قبل يومان انتقادات الرئيس الأمريكي باراك اوباما لشركة النفط البريطانية “بريتش بترولويم BP ” لقيامها بصرف ملايين الدولارات على إعلان تلفزيوني يعتذر فيه الرئيس التنفيذي لشركة برتش بتروليوم “توني هيورد” عن ما حدث من تسرب نفطي وعن تحمل المسئولية والعمل على تنظيف الخليج من النفط المتسرب. إعلان الشركة الاعتذاري يبدأ بالحزن والندم ثم يشحن بالأمل ثم يختم الرئيس التنفيذي الإعلان بوعد –الواثق- أن يقضوا على المشكلة وان لا تتكرر.
الرئيس الأمريكي انتقد برتش بتروليم من وجهة نظر اقتصادية إدارية في صرف خمسين مليون دولار لتحسين صورتهم ثم أضاف ان على الشركة مسئولية أخلاقية تجاه ضحايا الكارثة من صغار المستثمرين. كما يبدو لي ليس لدى الرئيس أي تعليق على محتوى الإعلان!
على المستوى الشخصي لم اشعر بتعاطف مع الشركة ولا بصدق وعودها في هذا الإعلان. فكل ما فيه من عناصر مفتعلة من تعابير وجه الرئيس التنفيذي إلى وجه العامل الأمريكي الذي ينظر للمستقبل ببلادة ثم الصور الفوتوغرافية المدخلة في الفيديو وحتى أصوات طائر النورس.
ولكن بالدخول على موقع الشركة الالكتروني نرى حملة تحسين الصورة وطمأنة المستثمرين والمواطنين الأمريكيين مستمرة بشكل يبدو أنه أكثر ذكاء وابسط كثيرا من الإعلان التلفزيوني. اختارت شركة برتش بتروليم صورة فوتوغرافية بانورامية لواجهة موقعها الالكتروني، أعتبرها أهم من الإعلان التلفزيوني في تأثيرها النفسي والرسالة التي تنقلها للمتلقي.
الصورة كما تظهر هنا -وبحجم أكبر على موقع الشركة- تظهر ثلاثة عمال نظافة على شاطئ يبدو نظيفا ومغريا لو لا وجود بعض المخلفات- التي تبدو طبيعية -التي يقومون بجمعها. والى هنا وهذه الصورة الصحفية بسيطة تقليدية ولكن وجود طائر بحري في يسار الصورة يمشي مطمئنا وكأن لا كارثة بيئية حدثت جعل من براءة الصورة وتلقائيتها ومصداقيتها أمرا مثيرا للشك. حتى مجرد انه يتجول بدون بقعة زيت تلطخ ريشة امرا يجعل من مثل هذه الصورة “صورة سياحية”!
في الإعلان الاعتذاري التلفزيوني يعد الرئيس التنفيذي لشركة برتش بتروليم بأن يبقي العالم على إطلاع. وللبقاء على إطلاع سيكون موقع الشركة هو المزار الأول. وعلى صفحتها الرئيسية تظهر أول رسالة/صورة تحسين صورة: الصورة لا تقول أن هناك كارثة، ولا تقول أن ما حدث يهدد الطيور والحيوانات البحرية. ولا تبدو الصورة مفتعلة او ممسرحة حيث يتلوها عدة صورة صحفية بانورامية لتنقل لنا الحدث كما تديره الشركة.
في هذه الصورة التي -يدرك من يتابع الخبر من مصادر غير موقع برتش بتروليم أنها- لا تنقل الواقع الحقيقي لهذه الكارثة، يتداخل الأخلاقي والـ لا أخلاقي. التصوير الصحفي والتصوير الإعلاني. حملة العلاقات العامة والصحافة.
ولكن، هل يمكن لهذه الصورة بطائرها المطمئن المتعافي المستمتع بالبحر أن تواجه ألاف الصور والتقارير التي تأتينا من وجهات نظر غير وجهة نظر برتش بتروليم؟ ألا تعتبر هذه الصورة استفزازية جدا للحقيقة ولعقلية الحكومة الأمريكية والشعب ولكل المهتمين بالبيئة؟ هل يكفي توبيخ الرئيس الأمريكي للشركة على صرف ملايين الدولارات على إعلانات تجارية بدون أن يوبخها على صورة مخادعة مثل هذه وعلى محتوى الإعلان والصورة؟
قضية توظيف الصورة الصادقة في أساسها بشكل مخادع وتوظيفها لتعطي رسالة مغايرة أمر يعتبر إشكالية كبرى في أخلاقيات الصحافة والإعلان. لا احد يستطيع أن يحاكم برتش بتروليم على استعمال هذه الصورة. لأنها قد تكون صورة صحفية غير ممسرحة وتلقائية ولكن توظيفها هو القضية. ولكن هل يهم برتش بتروليم المسائل الأخلاقية أمام هذه الفضيحة والكارثة البيئية والاقتصادية التي تسببت بها؟ وأمام القضايا التي سترفع عليها محليا وفدراليا ودوليا؟ هل سيغير من الأمر شيئا لو لم تضع برتش بتروليم هذه الصورة في الأساس أو وضعت صورا ترينا طيورا ماتت بسبب التسرب النفطي أو تلوثت على أقل تقدير؟
في الواقع – كما اعتقد- لن يغير شيئا في حقيقة الكارثة. ولكن استعمال هذه الصورة –حتى ولو كان ذكيا وبسيطا وغير مكلفا- أضاف مع الإعلان التلفزيوني أخفاقة أخلاقية إضافية للكارثة البيئية والاقتصادية التي تسببت بها.
*تحديث اضافي لهذه المقالة 12/6/2010
في خطوة إضافية لتحسين صورتها قامت شركة بريتش بتروليم بدفع المزيد من الملايين بشراءها حقوق أن يكون رابط موقعها الالكتروني أول موقع يظهر في محركات البحث ( قوقل وياهوو) عند البحث عن التسرب النفطي في خليج المكسيك، أي انه بمجرد إدخال كلمات أو جمل بحثية متعلقة بالتسرب النفطي سيظهر موقع الشركة الذي يحتوي على الصورة المعنية بهذا المقال! كما تقول التوقعات فأن كل زيارة لموقع الشركة عن طريق محرك البحث قوقل او ياهوو سيكلف الشركة بضعة دولارات!
الطريف في الأمر انه حتى حين البحث عن جمل مثل (أكرهك يا برتش بتروليمI hate you bp ) سيظهر لك موقع الشركة! إذا هل هذه الصورة التي في الصفحة الرئيسة وأول صورة تظهر للمتصفح تستحق كل هذا المال؟ هل هي جديرة بأن تمتص غضب من يكره الشركة حين تظهر له خليجا واعدا نظيفا؟ هل يمكن أن نتعامل مع هذه الصورة (كمتصفحين للموقع) ببراءة وبدون مساءلة رسالتها؟
.
يكشف مقطع الفيديو الذي نشرته الوطن لشابين سعوديين قاما بارتكاب مجزرة بحق حيوانات برية مهددة بالانقراض، الكثير حول ثقافة مجتمعنا. بدأ من فعل التصوير والتوثيق إلى ثقافتنا البيئة، إلى ردة الفعل حول ذلك الفيديو.
صحيفة الوطن نشرت الفيديو في مادة صحفية احترافية وجعلت مثار جدل إعلامي وشعبي ورسمي. أرادت “الوطن” أن تمارس دورا “سلطويا إعلاميا” في الإشهار بالفاعل ومساعدة الجهات الرسمية في الوصول إليه وخصصت (شريطا) إعلانيا باللون الأحمر يحتوي على صورة لأحد الشابين بجانبها عبارة تقول (من يعرف هذا الرجل؟)، في محاولة لحث القراء للمشاركة في إلقاء القبض على الجاني. وتحليل فعل الوطن ومهنيته ليس المعني بهذه المقالة. مع ذلك تبدو التعليقات على موقع الوطن جديرة بتحليلها بشكل موجز.
تعليقات القراء وردود الفعل
فـ أشبه ما يكون بالسيل من التعليقات، تلقت الوطن من عدد غير قليل من القراء توبيخا لما اعتبرته (التعليقات/القراء) إهمالا للأهم والانشغال وإشغال القراء بالتافه. وفي المقابل استبشر بعض القراء بهكذا فعل لنشر صورة (المجرم) وطالبوا بنشر صور المتورطين في قضايا وجرائم أخرى. وكنقيض لهؤلاء شعر اليائسون من أي فعل تنويري أو سلطوي للصحافة بأن نشر صورة شاب “متهور طائش” كما وصفوه، فعل استقوائي إعلامي على “الغلابا”. بل حاول البعض ادلجة الجريمة وتسطيحها وتوظيفها بطرق مختلفة لعل أكثرها فجاجة أن يقول البعض انه شاب جائع يأكل مما احل الله له من صيد. وكل هذا الخليط من التعليقات هي في حقيقتها ملخص “مختصر موضوعي” كما يطالب موقع الوطن المعلقين بـ (نرجو الاختصار في حدود 50 كلمة مع تحري الموضوعية).
السعودي وتقنية الاتصال الهاتفي
وبعيدا عن موقع الوطن والتعليقات، يجب أولا تأمل البطل الحقيقي لكل هذه القصة وهو جهاز الهاتف الجوال (المدمج بكل أشكال التقنية التي تتيح التسجيل البصري والصوتي والبث) والذي أتاح لـ السعوديين فرصة طارئة للتوثيق والاتصال والإخبار. فأصبح سعودي اليوم، Continue reading
نحن من أكثر شعوب الأرض تعرضا للصدمات التقنية والحضارية، إذ إن أي فكرة أو منتج يأتي إلينا يمر بعدة مراحل من تحريم ورفض ثم سوق سوداء واستعمال واستغلال وتمجيد. ردة فعلنا تجاه أي فكرة أو منتج ردة فعل مليئة بالحيرة والخوف والرغبة. وهذه ليست جمل وصفية اعتباطية أو تهجمية بقدر ما هي محاولات لتلخيص تاريخنا في الـ “كم” سنة الماضية. الأطباق الفضائية “الدشوش” كمثال، كانت تتعرض قلوبها/لواقطها في منتصف التسعينات لقصف بـ “الساكتونات” من أجل تدميرها، والآن كم دشا في المملكة؟ الله وحده يعلم كم تدفع بعض الأسر من أجل الاشتراكات والحصول على صحن فضائي وصحن كبسة. مثال آخر، كيف رفضنا وحرمنا جوال أبو كاميرا قبل عدة سنوات. ثم تعالوا الآن لتأمل أرقام مشتركي الهاتف وأعداد الأجهزة المزودة بكاميرات!
الأمثلة كثيرة والتاريخ شاهد. أما لماذا نحن (أكثر)؟ فلأننا بنينا حولنا هالة من الشعور بالاختلاف والخصوصية عن شعوب الأرض، ولأن لدينا المال لنشتري والرغبة بالاستهلاك أصبحنا سوقا مستهدفة.
وآخرالأمثلة التي تضاف إلى سيرتنا مع المنتج والفكرة هو ما قاله الدكتور الشيخ عوض القرني في حديثه لقناة العربية. واستشهادي بحديث الشيخ وتجربته لأنها تلخص آلية تفكير الحشود/تفكيرنا. ولأن الدكتور شخصية عامة فعليها تقبل النقد والحضور في هكذا مقال، فصاحب كتاب “الحداثة في ميزان الإسلام” يقول خلال اتصال مع قناة العربية، “إنه يبحث إمكانية مقاضاة موقع “الفيسبوك” قانونيا، معتبرا حجب صفحته على الموقع إضرارا به وإساءة لسمعته”. والدكتور عوض الذي شوه فكر الحداثة وأخاف الناس منه يدري أو ربما لا يدري أن الفيسبوك ما هو إلا منتج لتراكم تجربة الإنسان منذ عصور ما قبل الحداثة مرورا بالحداثة وما بعدها. الفيسبوك هو منتج غربي بفكر غربي لمجتمع غربي ولكننا كمسلمين وسعوديين تحديدا رفضناه وحرمناه ثم استعملناه واستغله البعض أسوأ استغلال ثم مجدناه. والآن سندك المحاكم الغربية طلبا له. إنها حالتنا “الخصوصية” وتلخيص نتاج الصدمات الحضارية والتقنية لأن لدينا المتشككين والخائفين. ومع ذلك تبقى حالة تقبلنا -حتى لو في مراحل متأخرة- لأي منتج أو فكرة عصرية إنسانية أمرا محمودا، ولكن إلى متى مرحلة التحريم والتشكك هي ردة فعلنا الأولى؟
مصدر الكارتون: الرسام ربيع. جريدة الرياض.
مصدر المقالة: جريدة الوطن. العربية نت.
“المكان الذي نذهب إليه لنتصل.”
الدكتور ديفيد وينبرقر عن الانترنت
كنت قد كتبت هذا المقال قبل شهر من تاريخ نشره هنا حين كتب رئيس تحرير جريدة الوطن، الأستاذ جمال خاشقجي مقالا (23 ديسمبر 2009) تضمن رابطا تشعبيا، ولكنني لم انشر هذا المقال في المدونة لأنني كنت اشعر أن فكر الصحافة الجديدة والنشر الالكتروني الصحفي غائب محليا ولا جدوى من مجرد الثرثرة في التدوينة حول فكر النشر الصحفي الالكتروني والميديا الجديدة. ما شجعني للعودة لهذا المقال واتخاذ قرار نشره اليوم، أن الوطن نشرت مقالا لرئيس مجلس إدارة مؤسسة عسير للصحافة والنشر الأمير بندر بن خالد الفيصل، يتحدث فيه عن موقع الوطن الالكتروني وما سيشهده من تطور ونقلة غير مسبوقة. لذا وجدتها مناسبة جيدة لنشر التدوينة التي تؤرخ وتصف شكل من اشكال الممارسة الصحفية في هذه المرحلة.
***
هذا الارتباط التشعبي متعارف عليه بـ رابط/ لينك، هو أحد أبسط وأهم أشكال الكتابة الالكترونية التي يجب أن تتواجد في الشكل الصحفي الالكتروني. هذا الشكل هو أول درس في الكتابة الصحفية الالكترونية. حسنا، ربما أبالغ ولكنه كما قلت: أبسط وأهم.
هل هناك جهل أم تعمد من المؤسسات الصحفية؟
جهل وربما ترك متعمد يمارسه أهل الصحف الورقية بتقنيات النشر الصحفي الالكتروني جعلهم Continue reading
في الفيلم الكوميدي (The Land of The Lost) قصة عالم متغطرس (الدكتور مارشال) الذي يعمل على اختراع آلة للتنقل بين الأزمان والعوالم، يصل خلال رحلته بواسطة آلته العجيبة إلى زمن وعالم أخر في (ارض المفقودين) حيث تعيش الديناصورات. قبل رحلته التي حدثت بالخطأ، واجه الدكتور مارشال السخرية والتكذيب لأبحاثه عن الزمن والعوالم الأخرى لعدم وجود أدلة علمية تثبت صحة ما يدعيه. لذا حين واجه الدكتور مارشال ومرافقيه: العالمة الشابة المتحمسة لأبحاثه (هالي)، ودليل سياحي ساذج رافقهم بالخطأ (ويل)، يواجهون ديناصورا في الغابة، وفي أثناء قيام الديناصور بمطاردتهم في الغابة، أخرجت العالمة الشابة هالي كاميراتها المدمجة وقالت للفريق: نحتاج إلى صورة! ليعجب بها الدكتور مارشال وبمهارتها في حقل العمل لاصطحابها الكاميرا كوسيلة جمع الأدلة العلمية. ليطلب من (ويل) الساذج الوقوف في طريق الديناصور ليتقط له صور والديناصور في الخلفية، كإثبات لحقيقة سفرهم عبر الزمن والوصول إلى عالم أخر.
وقبل الاسترسال في هذا المقال يجب أن أنبه إلى حقيقتين/ الأولى أن هذا الفلم يعتبر من الأفلام الكوميدية الساذجة على مستوى القصة والخدع السينمائية والأداء، ولكنه كان جديرا بأن استأجره من الصندوق الأحمر في حين عوز سينمائي، لأجد هذا المشهد الجدير بالثرثرة عنه. والحقيقة الثانية أن هذا المقال أشبه بالدردشة أكثر مما يكون مقال نقدي تحليلي عن نظريات الحقيقة والصورة.
هنا الحوار من الفيلم حسب ترجمتي الحرفية له:
المشهد: الغابة/مطاردة الديناصور للفريق العلمي..
هالي: انتظروا، انتظروا نحتاج صورة.
د مارشال: مهارات رائعة يا هالي.
هالي: ويل.. قف هناك.
ويل: ماذا؟
د مارشال: هذه الصورة دليل إنني صادق.. نحتاج صور.
هالي: قف هناك يا ويل، نحتاجك كمعيار. (معيار أو مقياس لتبيان النسب والإحجام في الصورة)
ويل: معيار؟
هالي: مارشال..هل نحتاج إلى خاصية إزالة احمرار العينين؟
ينظر الدكتور مارشال إلى عيني (ويل) بتمعن.. ثم يقول.. Continue reading