حقوق الصورة يا معالي الوزير مرة أخرى
عن طريق موقع تويتر عرفت بقضية (ريان العسيري) ضد صحيفة سبق. حيث نشرت الصحيفة الالكترونية –المرخصة من قبل وزارة الثقافة والإعلام – صورة التقطها ريان لسيارات أمانة جدة تنقل عمال نظافة بطريقة مخالفة وغير إنسانية. عرفت لان ريان صديق مشترك مع صديق في توتير وشاهدت تغريدة له تروج لقضيته ضد سبق. صحيفة سبق لم تستعمل الصورة فقط عن طريق نشرها في خبر صحفي، بل ادعت أن الصورة التقطت او كما قالت الصحيفة “رصدت” بـ عدسة سبق!
هذه الحادثة مهمة لعدة أسباب، منها أنها امتداد لقضايا مشابهة تحدث في الصحافة المحلية بشكل كبير ولأنها –أي قضية استعمال الصحف الالكترونية لصور بدون دفع مقابل مادي وأدبي – قضية معاصرة ويومية. ولان قضايا حقوق الصورة في المملكة أمر “مطنش” بشكل كبير على المستوى القانوني والمهني. وهذا يعيدني إلى سلسلة المقالات التي كتبتها حول هذا الموضوع وتحديدا المقال الموجهة لمعالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز خوجه، ونشر في صحيفة الوطن بـ تاريخ ٢٠ يوليو ٢٠١٠.
انتهاكات الصحف الالكترونية والمدونات السعودية لحقوق الصورة عن طريق استعمال الصور بدون ذكر مصدر الصورة أو مصورها أو دفع مقابل مادي سببه الأول أن الصحيفة الالكترونية لا تحتاج إلى الصورة –أي صورة– بحجم كبير حتى تكون صالحة للطباعة. فأي صورة موجودة حتى بمقاس يصل إلى عشرات البكسلات تصلح للنشر الكترونيا. أيضا الانترنت سهل عملية البحث والحصول على الصور. أيضا الكثير من الهواة والمحترفين ينشرون صورهم على الانترنت من اجل المشاركة مع الأصدقاء او من خلال مواقعهم الشخصية. ومن المهم إعادة التذكير أن التصوير الصحفي واستعمال الصورة الصحفية يفترض به أن يكون مرهونا بمعايير أخلاقية ومهنية عالية. فإذا كانت الصحيفة التي يفترض بها أن تنقل الحقيقة تسرق صورا وتنشرها بدون معايير أخلاقية ومهنية فكيف يمكن تصديقها كمصدر للحقيقة!
وفي مقالي الموجه إلى معالي الوزير قلت بالحرف الواحد:
خامسا: مع انتشار ظاهرة الصحافة السعودية الإلكترونية انتشر معها الاستعمال غير القانوني للصور الصحفية بشكل أكبر وأخطر مما هو موجود في بعض أشكال الصحافة المطبوعة. ويمكن للوزير أن يطرح سؤالا واحدا أمام كل من يرغب من مؤسسي الصحف الإلكترونية بالحصول على ترخيص رسمي عن مصدر الصور التي تنشر في صحفهم الإلكترونية؟ أو بزيارة سريعة إلى أغلب الصحف الإلكترونية نجد آلاف الصور تنشر بدون أسماء مصوريها بالإضافة إلى استعمال صور مصوري صحف أو هواة ومحترفين بدون مقابل مادي أو أدبي.
ومن ضمن الحلول التي طرحتها:
– عدم السماح بترخيص أي صحيفة إلكترونية بدون أن يتم التأكد من مدى نظامية آلية جمعها للصور، وارتباطها بوكالات صور مرخصة، وإثبات وجود مصورين صحفيين تابعين لها.
وبالإضافة إلى عدم وجود قانون واضح وصريح، فان أسبابا أخرى تساهم في وجود هذه الممارسات الـ لا قانونية ولا أخلاقية. ولن أعيد ما قلته في سلسلة المقالات التي نشرت في هذا الشأن سواء في الصحافة أو في هذه المدونة أو المحاضرات التي ألقيتها، إنما تلخيصا وتذكيرا فأن لدينا مشكلة مهنية في التصوير الصحفي من تدريس وتدريب وممارسة. وفي محاضرتي الأخيرة التي أقامها نادي فوتوغرافيين الشرق الأوسط بالنادي الأدبي بالرياض الشهر الماضي (يونيو ٢٠١١م) تطرقت إلى بعض الإشكاليات وأوضحتها بالأمثلة، ولعل أكثرها طرافة وبؤسا، أن لي صورا تستعمل بدون موافقتي وبدون مقابل مادي أو أدبي وعرضت على الحضور عشرات المواقع التي تنشر احد صوري ومنها (سبق، العربية، إيلاف، لجينيات، ومواقع إخبارية محلية وعربية ومدونات، بالإضافة إلى عدة مواقع لشركات تجارية، وحتى موقع جامعة الإمام محمد بن سعود الالكتروني!!)
ريان لم يكن أول من يشتكي و لن يكون الاخير، وسبق كذلك ليست الوحيدة ولن تكون الاخيرة من منتهكي حقوق الصورة، ولكن.. شكرا ريان أن تقدمت بشكوى رسمية وتواصلت مع الصحيفة، شكرا لسبق لأنها اعتذرت سواء بقوة القانون أو من دافع أخلاقي ومهني ولو انه كان يجب أن يعلن عن ما تم اتخاذه من إجراء تجاه من سرق الصورة ومن نشرها. شكرا للوزارة أن بدأت تحقيقا في الشكوى ولكن المشكلة قائمة ومتفاقمة، ولن تنتهي إلا بادراك خطورة الوضع والبدء عمليا في تصحيح وتطوير وتحديث القوانين وتدريب وتأهيل وتعليم المصورين ورؤساء التحرير أخلاقيات العمل الصحفي الفوتوغرافي وقوانينه.
مواضيع ذات صلة:
حقوق الصورة. سلسلة مقالات نشرت في صحيفة الوطن.
الحدود الرمادية للملكية الفكرية. مجلة القافلة.
تغطية صحفية لمحاضرة الصورة الصحفية. الحياة.
الصورة المرافقة للموضوع من موقع صحيفة سبق وتظهر الصورة المعنية مرفقة مع خبر سبق.